بِلَادٌ تُعِدُ حَقَائِبَهَا للرَحِيلْ.. وَلَيْسَ هُنَاكَ رَصِيفٌ ..وَلَيْسَ هُنَاكَ قِطَارْ

الأحد، 15 يناير 2012

الرابع من كانون الثاني

تلونت الحقيقة بأكثر من لون...

وتلاشت الذاكرة بلا موعد مع الماضي...

وأصبحت الذاكرة فارغة الا من الحزن...

سنون مرت.. ولا أدري كم بالضبط العُمر.. في التاسعة والثمانون...

يوم.. كباقي الأيام مر.. سوى بعض إنجازات أشعرتني بخيبة متجددة!!

أهو البريق الذي كُنا نظنه!

بريق يوم الرابع من كانون الثاني عام تسعة وثمانين...

تاريخ التصق بي منذُ ولادتي.. وسيلتصقُ تاريخ موتي أيضًا..

ليصبح في تاريخي تاريخان..!! أحدهما للحياة.. وآخر للفناء.!

ليستُ أدرك.. كنهَ عدد السنوات، ولكني أتساءل حقًا كيف مرت..! وماذا صنعتُ بعشرين عامًا وأكثر!!

ومضى الآن نصفُ شهر.. من يناير.. هذا الشهر الذي أجزمُ أنني أحبُهُ.. رغم أنه دائما يحرمني من التمتع بحفلة عيد ميلاد..

أجمل ما تقدمه لنفسك في صباح يوم ميلادك..

هو أن تجدد ذاكرتك، وترمم أحزانك، وتهب نفسك هدية لأجل قلبكَ أن يعيش في صفاء..

كلَ عام وقلبي.. وأنا ونفسي وروحي وأنتم بخير..







الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

الوطن شطر القلوب..بسكاكين الجغرافيا

الوطن شطر القلوب..بسكاكين الجغرافيا




هذا الوطن المشطور.. الممزق بأيدينا، الكبير بقلوبنا، هذا الوطن العالق في أذهاننا، بجنوبه بشماله بشرقه، وبغربه حيث نعيش، هذا الوطن الذي جعلنا ندرك أننا بحاجة إلي زواياه، والي ذاكرة شارعه، ليقول لنا من نحن..

هذا الوطن الذي يذكرني بك، ويذكرني بأن حكاية الورق التي عشناها برهة من الزمان انتهت، يذكرني دائما أننا قسمنا قلوبنا لشطرين كما هو مقسوم، شطر هُناك حيث تقطن، وشطر عندي حيث أنا أقطن..

وعندما نلخص حكايتنا، لشارع المدينة الكبير الذي لم يجهز بعد، وللبحر الذي ينتظر مرورنا عليه ليكبر، لا نجد ما نلخص به حكايتنا.. سنلخص ماذا؟


وجعنا؟ شوقنا؟ رحلتك في قلبي؟ أم سنلخص قبلاتنا على القبر؟ نعم لقد قبرنا هذا الشوق، قبرنا هذا الحب، قبرناه وهو جنينًا.. خشينا منه نحنُ الاثنان أن يكبر، خشينا منه إن أصبح طفلًا.. خشينا على هذا الحب أن يصبح رضيعًا، ويكبر، ويمشي على أقدامه.. ثم يدرك أن نهايته الموت حتمًا..

قبرنا حكايتنا حيث نحن.. لأن هذا الوطن المشطور نصفين، يشطرنا نحنُ أيضا، لأن شيئا ما حتمًا سيأتي من أجل أن ينهي حكايتنا حتى وإن بقيت في حيز مغلق أنا وأنت فيه، سيأتي من سيمحوني من ذاكرتك، ولكنه لن يأتي.. من يمحوك من ذاكرتي، من تفاصيلي، من أشيائي، من وطني، لأنك وطني.. شمسي.. وتاريخي المشرد.

السبت، 22 أكتوبر 2011

اكتوبر..شهر الموت أم شهر الحياة؟؟

اكتوبر..شهر الموت أم شهر الحياة؟؟

اكتوبر.. شهر الموت أم شهر الحياة؟؟ لا أدري أشياء تنذر أنه شهر الموت، وأشياء أخرى تنذر أنه شهر الحياة..

وما بين الحياة والموت.. خيوط كثيرة متشابكة.. قد أفهمها أنا أنها حياة، ويفهمها البعض أنها موت..!

أنيس منصور الكاتب المصري، الذي زين بكتاباته عقلي، وجعلني أحب القراءة، مات.. مات في 20 أكتوبر.. شيء ما يجعلني أأسف.. وأتحسر..

ولكنني أشعر أن مع موته سيعيش أكثر بكتبه.. عمره الزمني ممتد بعمق كتاباته..


القذافي قُتلَ.. كانت نهايته على أيدي شعبه، وأبناء جلدته، لكنها نهاية كل من طغى، وعلى وتجبر، أحزنني أن يموت آلاف من الرجال من أجل عرش رجل واحد.. لكنه بالنهاية قُتل.. ليدفع جزءا من الدم المتعلق برقبته.. جزءا بسيطًا.. سيدفع من بعده أبناءه جزءا آخر.. لكنه لن يدفئ قلوب من ترملوا وثكلوا وفقدوا آباءهم وأخوانهم..!

أشعر أن بموته كانت حياة لليبيا بكاملها.. إنها حياة جديدة بتفاصيل حديثة..

وفي شهر الموت وشهر الحياة..

خرج الأسرى من بين القبور أحياء، كانوا في أكفان الأسر، وبدؤوا بحياة جديدة، بنكهة ومذاق أشهى، عادوا حيثُ الأهل والأبناء.. ولكن ما أحزنني بحق.. أولئك الذين لازالوا في حياة الموت ينتظرون شهر جديد ينذر بحياة جديدة..

أولئك القابعين خلف جدر الموت.. مكفنين بأكفان الحياة، ممزقين بدموع الأسر.. يا ربي هل هذا شهر الموت..؟؟ بالنسبة لهم..؟ أم شهر الحياة لغيرهم، وشهر الأمل لهم؟؟

هذا الشهر شهر الموت وشهر الحياة.. كان له معي أيضًا حكاية.. لكنني أُجزم أن هذا الشهر بكل تقلباته.. كان موتًا بنكهة مرة المذاق، وكان حياة بنكهة عذبة المذاق.. نكهتان ممتزجتان بنفس القدر في نفس الطبق، نأكله بنفس اليد، نتجرعه، نحزن ونفرح.. ويبقى شهر أكتوبر شهر للأمل.. ومشروع قادم للتفاؤل..

السبت، 8 أكتوبر 2011

ذاكرة الجسد



ذاكرة الجسد







خرجت لي أحلام من تحت الماء الأزرق كسمكة دولفين جميلة وشربت معي فنجان قهوة وجسدها يقطر ماءً..




هكذا قال نزار قباني حينما انتهى من قراءة رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي..




لقد أنفقتُ من وقتي الكثير..




لأقرأ أربعمائة صفحة.. يهذي بها رجل في الخمسين مبتور اليد اليسرى، عاش الثورة والتحم بالألم الجزائري، يتحدث عن حبه لمدينته الجزائرية وعشقه لفتاة صغيرة تزوجت أخيرا برجل بنفس عمره ولكن بثروة مادية ما كان هو ليمتلكها..




رجل مبتور اليد اليسرى لكنه صاحب تجربة فنية رائعة جدا..انه يرسم بإحساسه بعشقه مدينته المهجر منها..




هاجرها قسرًا.. أو اختيارًا هذا لا يهم..




المهم هو أنني وأنا أقرأها..أصبحت لدي شهية للرسم




وأصبحت لدي شهية أيضًا لقراءة كتاب من الشعر..




الرواية بحد ذاتها في نظري ليست رواية لمعرفة الأحداث وحل العقدة وبالنهاية يأتيك الحل.. إنها هذيان رجل..أكثر ما يكون أن تكون حوار رجل مع صفحات الكتاب، إنها مجموعة مذكرات لرجل خمسيني..شهواني..فيه جنون الثورة، جنون العشق..لقد أحسن العشق..رجل عاش بعيدا عن الأسرة، عاش وحيدا..وعاد لمدينته الأولى..ليعيش وحيدا في مكان يذكره بكل شيء..




ها أنا أنتهي من قراءتها..بعد قرابة خمسة أيام..




لأول مرة أطيل قراءة رواية..




ولكنها ليست رواية..هي شعر مكتوب..هي أسطورة لمدينة، رسوم ترتسم على شكل سطور..جعلتني الرواية أقرأها بعناية..وأن أتصور أحداث الجزائر آلامها أحلامها سكانها فجورها.. وأشياء أكثر




ولكنها أفقدتني الشهية لقراءة جديدة لأحلام..قد لا يكون هذا مهما..المهم أنني الآن أريد أن ألتهم قراءة كتاب جديد..لكاتب آخر..بعيدا عن هذيان العشق...

الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

الحنين ببعض الفلسفة..




عندما يصبح أحد ما ملهمتك في الكتابة..
ويصبح شيئا ما هو الذي يدعوك لتكتب، لتملأ البياض بالأسود..
شيء ما نسميه حنين..
آه هو الحنين..
ما هو تعريف الحنين ببعض الفلسفة..؟
أهناك من عرفه..؟ قبلي؟





سأعرفه بطريقتي ..أن تتوحد مع روحك وفجأة لا تجدها
أن تشتاق لأن تلمس قلبك فلا تجده..
أن تحتضن صدرك فيحزن
أن تغني فيخرج صوت من داخلك صوت مضى وسمعته من قبل يغني
أعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود
سأعطيك وغني.. فأين أنت يا صاحب ذاك الصوت؟ يأتيني فيفزعني.. يجردني من اشتياقي ليقلبه حنينا..
حنينا لعودة الماضي.. لا اشتياقا لمستقبل معك
فقط أنا الآن أحن لعودة تلك الأيام، ولو على شريط مسجل من الذكريات..
أحن لتلك اللحظات التي كنتُ أخاف نهايتها وجاءت كبرق، كشعاع شمس في يوم شتائي قارص..
أحنُ أجنُ.. وهل حنين درويش لقهوة أمه، لخبزها، كان شوقا للمستقبل بأن يجلس بالقرب من أمه وهي تصنع الخبز؟
انه حنين لتلك الأيام التي قضاها مع أمه.. يحن الي تلك اللحظات التي لو تكرم الزمان وجمعهما معا فلن يكون بنفس لذة تلك الأيام..لأن الأشياء اختلفت..والزمن تغير..وأمه كبرت..وما عادت تستطيع صنع أشياءها التي تحبها بنفس القدرة وبنفس المزاج..

السبت، 1 أكتوبر 2011

يابحر وين البحار؟

على شاطئ البحر وحدي وقفت، أراقب إخوتي الأربعة وهم يسبحون ويتصارخون ويغنون، النجوم ترقص أيضًا في السماء، صوت غناء كاظم الساهر يصدح من هاتفي النقال، ويختلط بصوت أمواج البحر..يغني أريد أبكي على صدرك مشتهي النوح..
لا أشعر بمن حولي، جلست على الصخرة، في وسط لسان البحر، على شاطئ البستان، لا أتذكر أنني في هذا اليوم تحدثت، طول الوقت صامته، أصابتني هذه الأيام موجة من الهدوء والصمت، ضجيج إخوتي يعلو.. ينادون عليَّ.. يقتربون مني، طلبوا مني تصويرهم، صورت ولم تظهر سوى صور سوداء.. لعدم وجود انارة..
نور السفن من وسط البحر يظهر، كنجوم تتلألأ في البحر، لا يوجد في الليلة قمر، ولا بدر، لأن اليوم التاريخ 28 الشهر، أشعر بتعب ونعاس وضيق شديد..
عدنا إلى البستان، جلسنا على الطاولات، لعبت في جوالي تململت، شعرت بأنني أختنق وأضيق أكثر، طلبت من أخي أن نمشي معا على البحر..


وجدتُ بعدها أنني معه أسير وهو يتحدث وأنا استمع، قال لي قصصا، وقال لي حكايات، وأنا فقط استمع مرت ساعة كاملة علينا.. عدنا مجددا حيث الأهل..
صوت ما من داخلي يقول تعبت تعبت تعبت.. تذكرتُك..نعم، وتذكرت يوم أن سمعت صوت البحر وأنت هناك وأنا في البيت..عدنا الي البيت.. وجلست أكتب مذكرتي وكانت بعنوانك انت .. ترى كيف أنت؟

الأحد، 25 سبتمبر 2011

عندما أصاب بالاكتئاب..





عندما أصاب بالاكتئاب..
















أتاكد أنه ليس هناك شيء يمكنه إخراجي من هذا الاكتئاب إلا إذا سرتُ ليلا.. دون أن يرافقني أحد..
أسير لمدة ساعة كاملة..لا أحدث أحدا، ولا أتحدث مع نفسي.. أيضا
فقط أصمت وأنظر في وجوه الناس، في زوايا الشوارع.. في البيوت، في المحلات التجارة..
في وجه طفل يضحك.. في وجه طفلة تبكي، في وجه أطفال يتسابقون ليلا نحو البيت..
ألبس حذاء في قدمي، خفيف كأنني أسير حافية القدمين، آخذ دوش قبل خروجي، وأرتدي لباسا يشعرني بالفرح.. ويظهرني بمظهر أنيق وجذاب..
أخرج.. من المنزل دون مرافقة أحد..
أركب سيارة، نعم لأنني لا أريد أن أتأخر كثيرا عن المنزل.. أصل الي الرمال، أبدأ بممارسة المشي..
أسير.. وحدي..بدون حديث مع نفسي.
أنظر أتأمل.. أخرج الطاقة السلبية من داخلي..
أضع جوالي على التوقيت وأحتسب الوقت.. وحده يحسب لي لأنني لن أسير أكثر من ساعة..
سرت في شارع الرمال، الساعة الآن السابعة مساءا, هو وقت متأخر.. لأن التوقيت توقيت شتوي..
انتهيت من شارع الرمال الرئيس..
الآن أنا أسير في شارع فلسطين.. الشارع الممتد الطويل، يمتلأ بالناس، بالمحلات التجارية، شارع جميل..
أهرب الآن من زحمة السيارات.. إلى شارع فرعي آخر.. ممتد طويل..
يوصلني إلى شارع الوحدة..
الآن أنا أقف في آخر شارع فلسطين مفترق شارع الوحدة.. على يميني مكتبة وعلى يساري أيضا مكتبة في شارع الوحدة مدرسة بشير الريس، مدرسة ثانوية للبنات..
أتقدم أكثر وأسير، وأكمل الطريق.. الشارع هاديء جدا..
ولا أحد فيه طبعا أنا لا أسير في شارع الوحدة بل الشارع الممتد طولا...
اتحرك بسرعة وتقودني قدماي لأسرع أكثر، شيء ما ينتابني
الخوف.. الحزن.. الألم.. اضطراب دقات القلب..
أمسك هاتفي.. أريد أن أتصل.. أنظر إلى هاتفي، أمسح جبيني بمنديل من الورق.. أتراجع قليلا.. وأضع هاتفي في جيبي.. وأقول لا لن أتصل بأحد..
أواصل المسير.. ها أنا وصلت إلى المقبرة.. حيث دفنت خالتي ابن عمي ابن عمتي.. جدتي.. الكثيرين ممن رحلوا.. ترى متى سآتي بجواركم.. هل أنتم الآن سعداء..؟؟
أسرع الخطى.. ها أنا أتقدم من منزل صديقتي روان.. أراه أبتسم، أفكر هل أقوم بشراء علبة كولا.. أشربها وأنا أسير.. لأن الشارع لا يحوي الكثير من الناس فلن يراني أحد..
لكنني أستمر في السير..

ب
عد ربع ساعة اقتربت من المنزل.. ها أنا على أعتاب المصعد الكهربائي.. العرق يتصبب من وجهي، أمسح وجهي.. وأكرر الضغط على زر المصعد الكهربائي..
يصعد الآن الدرجات الأبعة شاب طويل صغير السن، فأجد نفسي أترك المصعد له، وأتابع الصعود أنا على درجات السلم.. أفتح كشاف جوالي، وأنظر على السلم لكي لا تتعثر قدماي.. أقف على باب المنزل وأنا ألهث.. يدي على المقبض.. ويدي على هاتفي أنظر كم مر من الوقت..
ساعة إلا عشر دقائق.. أبتسم، أوقف العداد.. ثُمَّ أفتح باب المنزل.. وأدخل.
لا أحد في غرفة الضيافة سوى محمد، أقول السلام عليكم..
أتقدم أخلع حذائي أضعه في الخزانة.. وأدخل غرفتي، أفتح الشبابيك، وأغلق الباب والستائر، أفتح الاضاءة والمروحة الهوائية على أعلى درجة.. أرفع غطاء الرأس.. أرتمي على السرير وأنام..

22_8_2011